يملأ الغاز الهواء، وتتعالى الصرخات المصاحبة لطلقات الرصاص المطاطى وقنابل الغاز التى تثير حالة من الاختناق والإغماء، وصوت سرينة الإسعاف التى لا تتوقف عند المدخل المؤدى لشارع "محمد محمود"
الذى شهد اشتباكات دامية فى الخمسة أيام الأخيرة، بينما يقف "حسنى رسام الثورة" صامداً أمام جدار الجامعة الأمريكية الواقعة فى مدخل "ساحة المعركة"، ليخلد بفرشاته كل ما يرى ويسمع تاركاً الجدار شاهد عيان على ما يحدث فى الميدان.عشرات اللوحات الكاريكاتيرية التى غطى بها "حسنى" جدار شارع "محمد محمود" الذى لقبه بـ"جدار الصمود"، بما يحمله من قصص واقعية على الأحداث، يحكيها حسنى بواسطة فرشاته وألوانه وسط أحداث من النادر أن تتكرر فى بلاده، إيماناً منه بضرورة تخليد ما يحدث فى نفس اللحظة التى يقع فيها مئات المصابين فى هذا المكان الذى اختاره ليكون معرضه الخاص.
"أنا فنان تشكيلى أؤمن بأن لكل منا دوره فى ثورة 25 يناير" يقول حسنى لـ "اليوم السابع": حاولت أن أساند أبطال الثورة بعمل يخلد بطولاتهم ويكون شاهداً على الأحداث، ولهذا اخترت هذا الجدار الذى يقع فى مدخل الشارع الذى شهد الكثير من القصص البطولية لأنقلها بفرشاتى وأعبر بها عما أراه".
حسنى الذى تحمل الاختناق من الغاز الذى ملأ الجو، قرر أن يرسم ملحمة الثورة فى نفس الوقت الذى يتساقط به الشهداء، ليبقى هذا الجدار شاهداً لا يمكن تحطيمه، كذكرى من ذكريات الثورة، كما أختاره ليكون معرضاً يفخر به فيما بعد.
"كان يجب أن أشارك الشباب الذين حملوا أرواحهم على أيديهم من خلال الفن الذى لا يحتاج الكلام" يقول حسنى، ويكمل "لكل منا دوره فى الثورة، وقد اخترت أن أكون معبراً عن الأحداث بفنى وأشعر بالفخر بما استطعت فعله، وبالشكل الذى يوصل رسالتى، وأعتقد أن هذا هو المكان المناسب، وهو ما خفف عن الكثير من المصابين الذين وقفوا أمام الجدار فى سعادة ليشاهدوا ما حدث مدوناً على اللوحات".
حسنى حول الجدار الواقع فى مدخل الشارع إلى لوحة فنية تحكى كل ما حدث، وفى نهاية حديثه قال حسنى "لن أترك الميدان حتى تتحقق مطالب الثورة، وسأعبر بفنى عن كل ما أراه، حتى لو اضطررت أجسد الثورة على كل حيطان مصر".